الإهداء : بسم الله الرحمن الرحيم : إلى أهل الحديث وطلبته ومحبيه , وإلى الساعين في جمع وتحقيق ونشر دواوينه وأسفاره وكتبه , في كل مكان وزمان , وشرق وغرب , وقطر ومصر, أقدم لكم هذا الموقع الجامع النافع الذي تضمن مسيرة قرون من الأسانيد المتصلة نقل العدل عن العدل بالكتب المروية والدواوين المسندة إلى صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم , ونقلتها المعدلين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وأرضاهم, فانهلوا منه , واكرعوا , وانتفعوا, وادعوا لكل من سعى في تصميمه وتضمينه , وتصوير كتبه ومخطوطاته ورسائله, ونسخها ورفعها , وتوفيرها لكم سهلة ميسرة , جعلنا الله وإياكم ممن شملته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم : نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها و حفظها ثم أداها إلى من لم يسمعها, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

قال ابن سيرين رحمه الله: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثه

قال الشافعي: مثل الذي يطلب العلم بلا إسناد مثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب فيها أفعى تلدغه وهو لا يدري

وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي سلاح يقاتل

وقال يزيد بن زريع: لكل دين فرسان وفرسان هذه الدين أصحاب الأسانيد

وعن محمد بن حاتم بن المظفر قال: إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها بالإسناد وليس لأحد من الأمم قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هي صحف في أيديهم وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي اتخذوها عن غير الثقات

وقال الحافظ ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم شيء خص به المسلمون دون جميع الملل والنحل، أما مع الإرسال والإعضال فيوجد في اليهود لكن لا يقربون به من موسى قربنا من نبينا، بل يقفون حيث يكون بينهم وبينه أكثر من ثلاثين نفسا، وإنما يبلغون إلى نوح وشمعون، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق، وهذه الأمة الشريفة زادها الله شرفا بنبيها إنما تنقل الحديث عن الثقة المعروف في زمانه بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأطول فالأطول مجالسة لمن فوقه، فمن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا

وفي سراج المريدين للقاضي أبي بكر بن العربي المعافري ما نصه: والله أكرم هذه الأمة بالإسناد، لم يعطه أحد غيرها، فاحذروا أن تسلكوا مسلك اليهود والنصارى فتحدثوا بغير إسناد فتكونوا سالبين نعمة الله عن أنفسكم، مطرقين للتهمة إليكم، وخافضين المنزلتكم، ومشتركين مع قوم لعنهم الله وغضب عليهم، وراكبين لسنتهم. [فهرس الفهارس 1/80]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سلماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأئمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنّة أهل الإسلام والسنة يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والمقيم. وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم نقولات يأثرونها بغير إسناد وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل. وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المين كما يظهر الصبح لذي عينين [مجموع الفتاوى: 1/9.]

12 أبريل 2008

المنح البادية في الأسانيد العالية والمرويات الزاهية والطرق الهادية الكافية:

المنح البادية في الأسانيد العالية والمرويات الزاهية والطرق الهادية الكافية للعالم المسند أبي عبد الله محمد المعروف بالصغير بن عبد الرحمن ابن عبد القادر الفاسي (ت 1134هـ) قال الكتاني في فهرسه (2/595): وهي في جزء صغير أوله: " الحمد لله الذي رفع حجاب الغفلة عن قلوب أصفيائه، أما بعد فهذه بعض الأسانيد لبعض التآليف العلمية خصوصاً الكتب الحديثية والطرق الصوفية، مقتصراً على الأسانيد العالية، تاركاً الأسانيد النازلة، حسبما سئلت عن ذلك " ورتبه على ثلاثة أقسام: القسم الأول في التآليف العلمية مبتدئاً بالكتب الحديثية، والقسم الثاني في المسلسلات البهية، والقسم الثالث في الطرق الصوفية المرضية وإلباس الخرقة العلية، صدرها بترجمة مشايخه الذين أجازوه عامة، فمن المغاربة: والده عبد الرحمن وعمه محمد وجده عبد القادر بن علي وابن عمه محمد بن أحمد بن يوسف قاضي مكناس والقاضي أحمد بن محمد بن عيسى آدم الرباطي ومحمد بن محمد بن عبد الجبار العياشي ومحمد بن يوسف العياشي ومحمد بن محمد المرابط بن أبي بكر الدلائي وأبو سالم العياشي ومحمد بن عبد الكريم الجزائري وابن سليمان الرداني، ومن المشارقة: الزرقاني والخرشي والكوراني والعجيمي، وهو الخامس عشر ممن ترجم، وذكر أنه أجاز له ولولده عبد الله ولمن يتولد له من الأولاد والأحفاد، وروايته عن هؤلاء المشارقة بالمكاتبة لا بالمشافهة خلافاً لقول ابن عجيبة في طبقاته: انه حج فأجازه الخرشي والزرقاني وغيرهما، اه . قال صاحب المنح: " فهؤلاء الخمسة عشر كلهم أجازوني وتركت غيرهم ممن هو مساوٍ لهم في السند ممن لم تقع لي منه إجازة كأحمد ابن الحاج والقاضي محمد بن إبراهيم الشتوكي ومحمد الشاذلي الدلائي وأبي العباس ابن عمران وغيرهم، وتركت غيرهم ممن هو نازل عنهم، وكذلك جماعة من المشارقة كالشبرخيتي والفلاني وغيرهما ممن لم نستحضر سنده أو كان مساوياً للمذكورين, وروى داخل المنح عن جماعة لم يترجمهم أولها كأبي علي اليوسي، واصفاً له بالإمام العلاّمة أبي الوفا الحسن بن مسعود اليوسي، وأبي العباس أحمد بن محمد بن ناصر، روى عنهما الطريقة الغازية، وشهدا له بالرؤية، وأبي محمد المعطي بن عبد القادر الشرقي البجعدي دفين مراكش، روى عنه الطريقة الخضرية، والملامتي صاحب الأحوال أحمد بن يحيى البادسي الفاسي، أخذ عنه الطريقة الملامتية، والطريقة الصديقية عن الأستاذ صاحب الأحوال أبي عبد الله محمد بن محمد المدغري عن روحانية أبي بكر الصديق، وأخذ عن خاتم أولياء زمانه أحمد بن موسى الشاوي المدعو الشعير الطريقة الأويسية. وقسم المسلسلات من المنح اشتمل على نيف وثمانين مسلسلاً، وقسم الطرق أتى على أغلب الطرق المذكورة في رسالة العجيمي، وزاد عليه بعض الطرق المغربية والأندلسية، والكتاب كله في نحو خمس عشرة كراسة متوسطة. ومن الغريب أن شيخ الجامع الأزهر بمصر ونقيب الأشراف بها السيد أبا الحسن علي بن محمد البابلاوي المالكي رحمه الله ونعمه قال في " الأنوار السنيّة على رسالة الأمير الصغير في المسلسل بعاشوراء " (1) : " إن المنح كتاب جليل يقرب من حمل بعير كما قيل " ، ا ه - . بلفظه. ومن عجيب الاتفاق أني أدركت زمن دخولي مصر الأول حياة الشيخ المذكور فدخلت عليه بمنزله وهو مريض مرض الموت بكتاب المنح هذا فأريته إياه، فاعتذر عنه بعض الحاضرين بأن سبب ذلك تقليد المؤلفين للطرر الغير الموثوق بها, ومن اللطائف أني لما دخلت لمصر المرة الثانية وقفت بحانوت كتبي فأخرج لي قطعة من المنح البادية يعرضها للبيع جازماً بأنها جميع المنح، فرددته بأنها أكثر من ذلك فعاند، فأريته وصف مقدارها من رسالة السيد البابلاوي. ومن طغيان القلم قول صاحب " عناية أولي المجد " في ترجمة صاحب المنح هذه: " انه كان ممتع الرواية جداً فأجازه من لا يحصى كثرة حسبما تضمنته فهرسته الجامعة النافعة " اه منها، مع أنك علمت مما سبق أنه إنما ترجم فيها من شيوخه خمسة عشر رجلاً بين مشرقي ومغربي، وكان في ذلك العصر أعلام في سائر الجهات أغفل الرواية عنهم. وعلى كل حال فالمنح هذه منح للمتأخرين لأنها جمعت جملة أسانيد الفاسيين بل المغاربة وأظهرتها في ثوب قشيب، واعتمدها المتأخرون وانتشرت وراجت أسانيدها وفرائدها. وقد وقفت على ما يفيد إجازة مؤلفها بها لجماعة كالعلاّمة محمد الصغير الافراني المراكشي، وقفت على إجازته العامة له بتاريخ 1131، والمؤرخ اللغوي المسند أبي عبد الله محمد بن الطيب الشركَي الفاسي المدني، والفقيه الناسك المعمر أبي محمد عبد الله بن الخياط القادري الفاسي المتوفى سنة 1198، ذكرها ولده عبد السلام في " التحفة القادرية " ، والعالم العامل أبي عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن عبد الرحمن الشريف الجعدي الجزائري، كما وجد بخطه ونقل في ترجمته من " تعريف الخلف " مؤرخاً بعام 1133، وأبي الوفاء عبد الخالق الندرومي كما وجدت ذلك في تاريخ أبي العباس أحمد الغزاوي المكناسي، وأبي حفص عمر لوكس التطواني، ومحمد بن عبد الله المغربي المدني، ومحمد بن عبد السلام بناني الفاسي، وولده حمدون، وأبي عبد الله جسوس، ومحمد بن عبد الله بن أيوب التلمساني المعروف بالمنور وغيرهم،
ــــــــ

طبع في وزارة الاوقاف الإسلامية المغرب في جزئين بتحقيق محمد الصقلي الحسيني

مواد للتحميل:

مخطوطة المكتبة الأزهرية برقم (300806), عدد الأوراق: 96 , ملف بدف